تقرير: أبناء زايد صنعوا داعش ويتهمون قطر بالإرهاب
يمنات – صنعاء
عندما بررت قرارها الأخير الذي اتخذته مع الإمارات العربية المتحدة ومصر وجزر المالديف والبحرين واليمن وحكومة ليبيا الشرقية لقطع العلاقات مع قطر، أصدرت المملكة العربية السعودية بيانا تدعي فيه أن السبب وراء هذا الموقف الذي اتخذته ضد حليفتها السابقة (قطر) أنها ترعى عددا كبيرا من الجماعات الإرهابية والطائفية التي تهدف إلى خلق عدم الاستقرار في المنطقة .
وذكر تقرير نشره موقع ” تي آر تي ووارلد ” التركي أن دولة الإمارات العربية المتحدة اتبعت نفس المزاعم السعودية، مدعية أن قطر مذنبة في اتباع سياسات مستمرة تعصف بأمن وسيادة المنطقة، فضلا عن تلاعبها والتهرب من التزاماتها ومعاهداتها.
وأوضح الموقع التركي في نسخته الإنجليزية أنه بينما إدارة ترامب تعتبر دولا مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة تكافح الإرهاب، فإن قطر تدعم الثورة في العالم العربي ودعمها ينصب على كافة الأشكال الديمقراطية، وجماعة الإخوان المسلمين، وهذا هو السبب الذي جعل السعودية تحارب قطر اليوم، فالإخوان هم الهدف الرئيسي لهذا العمل من قبل السعودية والإمارات ومصر.
الإخوان المسلمين
قبل أسابيع قليلة نشرت صحيفة “ذا ناشيونال” اليومية التي تصدرها أبو ظبي، افتتاحية عن الإخوان المسلمين، جاء عنوانها أن جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم الدولة الإسلامية تشتركان في المستنقع نفسه، فالافتتاحية تبرر هذا الادعاء السخيف دون إدراج الحالات التي دخلت فيها جماعة الإخوان أو أجنحتها السياسية وأفرادها، إلى السلطة عن طريق الديمقراطية.
فعلى سبيل المثال، تشير الافتتاحية إلى وجود علاقة غير منطقية تماما بين انتخاب الإسلاميين الـ 16 في الانتخابات البرلمانية الأردنية، وهو ما يعني بالتأكيد انتخاب 15 عضوا من الائتلاف الوطني للإصلاح، وظهر تهرب كاتب الافتتاحية من أن جبهة العمل الإسلامي التابعة للإخوان هي مجرد قوة واحدة من مكونات حزب المؤتمر الوطني، وهو ائتلاف ديمقراطي واسع يشمل القوميين الأردنيين العلمانيين والأقليات العرقية والمسيحيين والنساء، فهل هذا ما تعتبره دولة الإمارات العربية المتحدة إرهابا؟.
وهذا ربما يكشف ببراعة عن المشكلة الرئيسية التي تواجهها الإمارات والسعودية مع الجماعات المرتبطة بالإخوان وقطر، والتي رفضت الاضطهاد. وقد تسعى الدولتان إلى الادعاء بأن الإخوان يشكلون تهديدا للديمقراطية، ولكن على وجه التحديد مشاركتها في الديمقراطية هي التي تجعل الإخوان يشكلون تهديدا لدولة الإمارات العربية المتحدة.
إنها دولة الإمارات العربية المتحدة، وليس الإخوان، التي تسعى إلى تقويض الديمقراطية وتدميرها أينما وجدت في المنطقة. وبهذا المعنى، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية لديهما الكثير من القواسم المشتركة مع داعش أكثر مما تفعله مع الديمقراطية الإسلامية للإخوان التي تقبل على الأقل بالحريات الأساسية التي توفرها الديمقراطية.
الديمقراطية والإمارات
ومن ناحية أخرى، شهدت دولة الامارات العربية المتحدة موجة هائلة من الأنشطة المناهضة للديمقراطية في عهد الانتفاضات العربية، فبينما المملكة العربية السعودية هي عادة أكبر شريك لدولة الإمارات العربية المتحدة في الجريمة، اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة دورا بارزا في رعاية الثورة الفتاكة المدمرة للديمقراطية في مصربقيادة عبد الفتاح السيسي، وإنفاق المليارات لدعم الطاغية الذي أطاح بحكومة مصر التي كان يقودها محمد مرسي من حزب الحرية والعدالة المرتبط بالإخوان.
والواقع أن دولة الإمارات العربية المتحدة، على عكس السعودية، لم تنفق المال فقط على انقلاب السيسي، لكنها ساعدت بنشاط على إذكاء ذلك، حيث قامت بتمويل حملة تمرد التي كانت مهمتها الرئيسية تقويض الديمقراطية التي فازت خلال ثورة 25 يناير.
فجماعة الإخوان قد انتخبت شعبيا في مصر بعيدا عن رغبة الحكم العسكري، وهذا بالتحديد هو السبب في أن دولة الإمارات العربية المتحدة عازمة على تدمير الإخوان، فدولة الإمارات العربية المتحدة ليس لها أي اهتمام بالديمقراطية في أي مكان في المنطقة.
الاستبداد يغذي الإرهاب
على عكس ما تعتقده السعودية والإمارات العربية المتحدة، فإن العلاقة الحقيقية بين ترتيب الطغيان الوحشي الذي تمثله الإمارات العربية المتحدة والسعودية وتدعمهما، وصعود تنظيم الدولة الإسلامية راسخة، وخذ مثالا حادا على الإطاحة بالديمقراطية في مصر التي ترعاها دولة الإمارات العربية المتحدة، فبمجرد تحطيم الديمقراطية وصعود السيسي ورفع مستوى الوحشية الاستبدادية ضد المعارضة الديمقراطية، فإن داعش أصبح قوة في مصر.
وبينما التمرد في سيناء يسبق صعود السيسي، لم يتمكن تنظيم الدولة الإسلامية من توحيد القوى الجهادية المختلفة المعنية وتشكيل “ولاية سيناء” إلا بعد أن دمر السيسي أي أمل في تسوية المشاكل الكامنة التي تواجه سيناء من خلال الديمقراطية.
إن حلقة مصر المفرغة هي مجرد صورة مصغرة للنظام المناهض للثورة الذي تدعمه الإمارات العربية المتحدة والسعودية الذي يؤدي فيه الاستبداد إلى الإرهاب؛ والإرهاب يؤدي إلى مزيد من الطغيان؛ والمزيد من الطغيان يؤدي إلى المزيد من الإرهاب.
وفي ليبيا، تدخلت الإمارات العربية المتحدة، جنبا إلى جنب مع السيسي، لدعم “عملية الكرامة” بقيادة خليفة حفتر، التي تسعى إلى القضاء على الإخوان المنتخبين ديمقراطيا، وبينما كان هناك مخالفات من كلا الجانبين، فإن تدخل الإمارات وقناعتها بالقضاء على جماعة الإخوان قد أطالت الطريق وأتاحت الظروف المثالية لظهور تنظيم داعش.
ومن الناحية السطحية، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة سيعتقد العالم أنها تعارض الإسلاموية ومع ذلك على المستوى المحلي، تطبق الإمارات أشكالا وحشية من العقوبات بشكل خاص داخل حدودها، بما في ذلك العقوبات التي ينفذها تنظيم الدولة الإسلامية مثل الجلد والرجم.
وتدعي دولة الإمارات العربية المتحدة أنها تعارض تنظيم الدولة الإسلامية، ولكن من خلال دعم النظام الإقليمي الذي يحرم الحريات الأساسية والديمقراطية والحياة البشرية، فإنه يزود داعش بالفوضى والدم الذي هو أكثر الوقود حيوية، وإذا اعتبرت الإسلاموية في مجملها إيديولوجيا مليئا بالعداء وفي فترة انتقالية، فإن الإخوان المسلمين يمثلون ديمقراطية ظاهرة.
ومن خلال الاضطهاد واستخدام مواردها لاستهداف هذا النوع من القوات، تسمح دولة الإمارات العربية المتحدة بالهيمنة من قبل القوى المناهضة للديمقراطية مثل داعش.
يمكن للمرء أن يتساءل لماذا دولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية هي نفسها ضد جماعة الإخوان والإسلاموية الديمقراطية، بالتأكيد لها مصلحة في قمع الديمقراطية في المنطقة، والإمارات العربية المتحدة والسعودية يعرفان أنه لا يوجد شيء أكثر خطورة في منطقة مليئة بالدكتاتوريين أكثر من ديمقراطية ناجحة، بل إنهم هددوا بزعزعة استقرار الديمقراطية التونسية بعد الثورة، بسبب رفض الرئيس التونسي السبسي مطالبتهم بقمع حركة النهضة المنتسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وفي منطقة حيث الإسلاموية لديها قاعدة ضخمة، لا يوجد شيء أكثر خطورة من الإسلاميين الذين يرغبون في تكريس الديمقراطية ووضع سياساتها بأنها معادية للاستبداد من خلال الديمقراطية. ربما في دولة الإمارات العربية المتحدة – بثقافتها الفاضلة، ومادتها الخام، ووحشيتها المناهضة للمساواة، وحيث يشكل معظم سكانها فئة فرعية من فقراء جنوب آسيا من المسلمين والعرب – الخوف الرئيسي هو أن الشكل الإسلامي للديمقراطية يملأ الفراغات التي تكمن وراء مجتمعها.
المصدر: وطن